الصفحة الرئيسية » » الولايات المتحدة ترسل تعزيزات إلى الخليج العربي ردا على تهديدات طهران

الولايات المتحدة ترسل تعزيزات إلى الخليج العربي ردا على تهديدات طهران

مسؤول عسكري أميركي للإيرانيين: لا تفكروا في إغلاق المضيق.. ولا ترسلوا قواربكم للتحرش.. سوف تغرق
 
واشنطن: توماس شانكر وإريك سكميدت وديفيد سانغر*
وسط أجواء من السرية، أرسلت الولايات المتحدة تعزيزات عسكرية كبيرة إلى الخليج العربي لمنع الجيش الإيراني من القيام بأي محاولة لإغلاق مضيق هرمز، وزادت من أعداد المقاتلات القادرة على ضرب أهداف داخل إيران إذا ما تفاقمت حدة الخلافات بشأن برنامجها النووي.
يأتي نشر القوات ضمن خطة مقررة منذ فترة طويلة لتعزيز الوجود الأميركي في منطقة الخليج، لطمأنة إسرائيل بشأن قدرتها على التعامل مع إيران، بحسب تصريحات لمسؤول بارز في الإدارة، الأسبوع الماضي، قال فيها «عندما يقول الرئيس إن هناك خيارات أخرى على الطاولة غير المفاوضات فإنه يعني ذلك».
غير أنه في الوقت الذي بدأت فيه الولايات المتحدة وحلفاؤها فرض حظر أوسع نطاقا على الصادرات النفطية الإيرانية، بهدف إجبارها على التعامل بجدية مع المفاوضات حول برنامجها النووي، تنطوي زيادة عدد القوات على مخاطر واضحة من بينها إمكانية قيام قوة الحرس الثوري الإيراني بمهاجمة القوات.
وتمثل السفن الحربية التي تهدف إلى تعزيز القدرة على القيام بدوريات في مضيق هرمز بشكل كبير، وإعادة فتح الممر المائي الضيق إذا ما حاولت إيران تلغيمه لمنع السعودية ودول الخليج الأخرى المصدرة للنفط من إرسال ناقلاتها عبر الممر الحيوي، أبرز عناصر هذه الزيادة في عدد القوات، حيث ضاعفت البحرية الأميركية من أعداد كاسحات الألغام المخصصة للمنقطة إلى ثماني سفن، وهو ما وصفه المسؤولون العسكريون بالخطوة الدفاعية الخالصة.
وقال مسؤول بارز في وزارة الدفاع الأميركية «لا يخطرن ذلك على أذهانكم. لا تفكروا في إغلاق المضيق، فسوف نزيل الألغام. ولا تفكروا في إرسال قواربكم السريعة للتحرش ببوارجنا الحربية أو سفننا التجارية، فسوف يكون قاع الخليج مثوى لها». وكما هو الحال في كل المقابلات الأخرى، اشترط المسؤول عدم ذكر اسمه نتيجة الحساسية السياسية والموقف العسكري.
وكانت الولايات المتحدة قد أرسلت منذ ربيع العام الماضي طائرات التخفي «F-22» وطائرات «F-15C» الأقدم إلى قاعدتين منفصلتين في الخليج العربي لدعم الطائرات المقاتلة الموجودة بالفعل في المنطقة، إلى جانب قيام حاملات الطائرات بزيارات منتظمة إلى المنطقة. وتعطي هذه الطائرات الهجومية القوات الأميركية قدرات أكبر في مواجهة بطاريات الصواريخ الساحلية التي يمكن أن تهدد الملاحة إضافة إلى توجيه ضربات إلى أهداف داخل إيران.
وقد حركت البحرية، بعد برنامج تطوير مفاجئ، سفينة الإنزال البرمائية الحاملة للمروحيات «USS Ponce» إلى الخليج العربي للعمل كأول قاعدة انطلاق عائمة للعمليات العسكرية أو المساعدات الإنسانية. وستكون المهمة الأساسية للسفينة «بونسي»، بحسب مسؤولي البنتاغون، العمل كمحور عمليات ومحور لوجيستي لإزالة الألغام. والسفينة مزودة بجناح طبي ومهبط للطائرات المروحية، وأماكن لاستقبال قوات مقاتلة، وهو ما يساعد في استخدامها كقاعدة لقوات العمليات الخاصة لشن مهمات محدودة، بما في ذلك عمليات استطلاع أو مكافحة للإرهاب تنطلق جميعها من المياه الدولية.
وبالنسبة للرئيس أوباما، يمثل مزيج المفاوضات والعقوبات الجديدة التي تستهدف العائدات النفطية الإيرانية والضغوط العسكرية المتزايدة أحدث الاختبارات - وربما أكثرها حيوية - لما يسميه البيت الأبيض سياسة «المسارين» مع إيران. وفي خضم حملة الانتخابات الرئاسية التي اتهمه فيها خصمه ميت رومني بـ«الضعف» في التعامل مع القضية النووية الإيرانية، يسعى أوباما إلى عرض قوته من دون الوقوع في أزمة في المنطقة.
في الوقت ذاته، يجب أن يشير إلى دعمه لإسرائيل، لكن بصورة لا تجعل إسرائيل تعتقد بإمكانية استغلال هذه الحشود لمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية، التي يعتقد مساعدو الرئيس أوباما أنها قد تؤدي إلى حرب لا يتوقع أن تعوق البرنامج النووي الإيراني بشكل كبير.
أيضا كان الهدف الأساسي لـ«الألعاب الأوليمبية»، العملية السرية التي تسعى إلى تقويض قدرات تخصيب اليورانيوم الأساسية عبر هجمات إلكترونية، أن يظهروا للإسرائيليين أن هناك وسائل أكثر فاعلية لتأخير البرنامج النووي أكثر من ضربها من الجو.
لكن هذه الإشارات الدقيقة إلى كل من إيران وإسرائيل ليست سوى تحرك عشوائي، فيرى السيناتور جون كيري، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، أنه على الإدارة أن تقيم توازنا دقيقا بين وضع قوات كافية لردع إيران، والإشارة بشكل غير مقصود لإيران وإسرائيل بأن الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية وشيك ولا مفر منه».
وقال كيري في مقابلة معه «هناك الكثير من التوقعات التي ينبغي التعامل معها. ينبغي أن يعرف أنك جاد، لكنك يجب عليك أن تترك مساحة للحل السلمي. ومن الأهمية بمكان ألا تقدم على اتخاذ خطوات تبعث برسائل خاطئة».
لا تتوافر الكثير من الدلائل على أن الضغط المتزايد سيؤدي إلى النتائج المرجوة منه. فالمفاوضات مع إيران تواجه مأزقا، على الرغم من التوقعات باجتماع مجموعة من الخبراء الإيرانيين والأميركيين في اسطنبول يوم الثلاثاء لمراجعة المقترح الأميركي والرد الإيراني. بيد أنه حتى الآن ترفض إيران بشدة كل الجهود الرامية إلى إرغامها على وقف تخصيب اليورانيوم من النوع الذي يعتبر قريبا نسبيا من المستخدم في صناعة القنبلة النووية.
وفي رد على تشديد العقوبات الدولية، أعلنت إيران يوم الاثنين أنها ستدرس التشريع المقترح بتعطيل الملاحة في مضيق هرمز إضافة إلى إجراء اختبارات صاروخية في مناورة تهدف إلى إرسال تحذيرات إلى إسرائيل والولايات المتحدة. ويطالب التشريع الإيراني القوات الإيرانية بإغلاق مسار الناقلات النفطية المتجهة إلى الدول التي توقفت عن شراء النفط الإيراني بسبب الحظر. ولم يتضح ما إذا كان التشريع قد تمت المصادقة عليه أم لا، أو كيف ستقوم إيران بتنفيذه على وجه الدقة.
وقد اعترف مسؤولون رفيعو المستوى في كل من البنتاغون والقوات المسلحة بأن إيران تملك القدرة على إغلاق المضيق، على الأقل بصورة مؤقتة، وأن قوات إزالة الألغام الإضافية يمكن النظر إليها كأدلة واضحة وصريحة على التزام واشنطن بالتأكد من أن أي إغلاق للمضيق سيكون وجيزا قدر الإمكان.
وجاء التهديد الإيراني الأبرز للملاحة أثناء حربها مع العراق التي جرت في الثمانينات، فهاجمت إيران الناقلات وأشكال النقل التجارية الأخرى لتعطيل عائدات النفط العراقية وتهديد الملاحة من الدول العربية الأخرى التي ينظر إليها على أنها داعمة لنظام بغداد. وقد وضعت إيران عددا كبيرا من الألغام في محاولة لمنع عبور المضيق، مما يحفز عمليات إزالة الألغام وشن هجمات على البحرية الإيرانية من قبل السفن الحربية الأميركية.
وشدد مسؤولو وزارة الدفاع على أن إعادة تشكيل القوات الأميركية في منطقة الخليج مؤخرا ينبغي ألا ينظر إليها فقط على أنها نتيجة للتهديدات النووية الإيرانية المحتملة. ويقول نفس المسؤول البارز في وزارة الدفاع الأميركية «لا يتعلق الأمر بالطموحات النووية الإيرانية فقط، وإنما أيضا بطموحات إيران الخاصة بفرض هيمنتها على المنطقة. تعد هذه التشكيلة المتنوعة من القوات العسكرية الأميركية دليلا ملموسا لجميع حلفائنا وشركائنا وأصدقائنا على أنه على الرغم من اتجاه الولايات المتحدة الأميركية للتركيز على آسيا، فإننا نظل متيقظين تجاه منطقة الشرق الأوسط».
وأكد بعض المسؤولين أنه على الرغم من انسحاب القوات البرية الأميركية من العراق، فإنه تظل هناك قوة عسكرية إضافية تعادل لواء مقاتلا في الكويت، وهي القوة التي من الممكن أن تضطلع بالكثير من المهام في احتواء أحداث عدم الاستقرار الإقليمية، لكن إيران تظل هي الهدف الرئيسي لهذه القوة.
وعلى الرغم من أنه يظل من الصعب دائما التنبؤ بنوايا إيران، فقد لاحظ كبار ضباط البحرية الأميركية امتناع السفن الإيرانية الموجودة في الخليج العربي مؤخرا عن القيام بتصرفاتها الاستفزازية. وفي تقييمه للعمليات التي قامت بها السفن الحربية الإيرانية في «الشهور القليلة الماضية»، قال الأميرال جوناثان غرينيرت، قائد العمليات البحرية بالجيش الأميركي «لقد كانت الأمور هادئة نسبيا».
يأتي هذا الهدوء النسبي قبيل دخول العقوبات الجديدة المفروضة على إيران حيز التنفيذ، حيث انخفضت صادرات إيران النفطية في الوقت الراهن بصورة كبيرة لتصل إلى نحو 1.5 مليون برميل يوميا، في مقابل 2.5 مليون برميل يوميا قبل الفرض التدريجي للعقوبات السابقة في العام الماضي.
وأكد أحد مسؤولي الحرس الثوري الإيراني يوم الجمعة الماضي أنه في الوقت الذي تجنبت فيه السفن الإيرانية الدخول في أي مواجهات مع السفن الحربية المتحالفة في الأسابيع الماضية، فإنه من المتوقع أن تقوم إيران قريبا بتزويد سفنها الموجودة في مضيق هرمز بصواريخ قصيرة المدى، حسبما أفادت وكالة «مهر» للأنباء شبه الرسمية.
وتسعى الإدارة الأميركية، من خلال هذه الخطوة، إلى وضع التهديد العدواني الذي تمثله إيران نصب عينها، فضلا عن سعيها لتعميق الروابط العسكرية مع دول مجلس التعاون الخليجي الست: المملكة العربية السعودية والكويت والبحرين وقطر والإمارات العربية المتحدة وعمان.
وأكد مسؤول عسكري بارز أن الولايات المتحدة الأميركية سوف تشارك مع 19 دولة أخرى في تدريبات عسكرية ضخمة خاصة بنزع الألغام والتي ستقام في الخليج العربي في شهر سبتمبر (أيلول) القادم، مؤكدا أن دول المنطقة تقوم باتخاذ المزيد من الخطوات للدفاع عن نفسها، بما في ذلك شراء أنظمة الدفاع الجوي وبعض الأسلحة الأخرى الأميركية الصنع.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

أخترنا لك

تحميل فيلم ملك الرمال

الأكثر قرأة

الأرشيف