الصفحة الرئيسية » » الأئمة المؤيدون لداعش يزدادون جرأة في الأردن

الأئمة المؤيدون لداعش يزدادون جرأة في الأردن


يرى محللون غربيون بأن ما يتباهى به الأردنيون من العيش في ظل نعمة “الأمن والأمان” اللتين يرددهما الجميع في وصف أوضاع بلدهم، لم يعد مطابقا للواقع الذي ربما سيستبدل تلك النعمة بالدخول في مصطلح أن البلاد في عين العاصفة.
وسلطت تقارير إعلامية الضوء على أن المتطرفين  في الأردن صاروا يتمددون على مساحة واسعة بين أطياف المجتمع، بعد تعرض البلاد لسلسلة صادمة من الهجمات “الإرهابية”.
ولفتت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية النظر إلى مواطن متشدد يدعى “أبو عتيبة” يقوم بتجنيد الشباب لصالح تنظيم داعش، وسمحت له الأجهزة الأمنية بإلقاء الخطب في مسجد بالأردن، رغم علمها بأفكاره المتطرفة، وهي الحالة التي صارت تتكرر في البلاد.
الخطابة بين المنع والترخيص
وتختلف التخمينات حول سماح الدولة الأردنية للمتشددين المرجح تفرغهم للتجنيد لمصلحة التنظيم المتشدد، بين قائل إن الدولة لا ترغب بلفت الأنظار إلى هؤلاء المتشددين وتحويلهم إلى رموز في عيون الشباب بمنعهم من الخطابة، وبين رأي يرى أن الأجهزة الأمنية تسعى من وراء ذلك إلى غربلة الأئمة وخطباء المساجد وتحديد الدواعش منهم على وجه اليقين وضبط اتصالاتهم.
في الوقت نفسه، ورغم أنه معروف بأن المساجد في الأردن تحكمها قبضة الأجهزة الأمنية على مدار عمر الدولة من حيث التغلغل والمراقبة والتمحيص، فإن المتشددين الذين يدركون هذه الحقيقة صاروا  أكثر حرصا على الابتعاد عن المسجد في قضية التنظيم للجماعات المتشددة؛ لأن المساجد ممتلئة بضباط المخابرات وعلى نحو يكاد يكون علنيا. 
وصرح المدعو أبو عتيبة في حوار في شمال الأردن مؤخرًا عن أماكن التقاء العناصر المهيئين للانخراط في صفوف داعش قائلا “نأخذهم إلى المزارع أو المنازل الخاصة، وهناك، نقوم بإجراء المناقشات وتنظيم مباريات كرة القدم التي تقربنا أكثر من بعضنا بعضا”.
وأوضحت الصحيفة، أن تصريحات أبو عتيبة تعكس جرأة غير معهودة في صفوف المتشددين الأردنيين، الذين صاروا يجاهرون بحرية أكبر بتأييد داعش.
وارتفاع الصوت المتشدد في المرحلة الحالية يتزامن مع تعرض المملكة الأردنية لبضع ضربات أمنية موجعة في قلب العاصمة وعلى حدودها الشمالية التي تربطها بسوريا.
اقتحام الحصن
ويلفت مراقبون إلى أن نوعية الهجمات التي وقعت في العاصمة عمان، والمتمثلة باقتحام متطرف  لمكتب مخابرات في شمال العاصمة وقتل 5 من العسكريين فيه، وما تبع ذلك في الشهر نفسه من تعرض 7 جنود للقتل بسيارة مفخخة اقتحمت مكان تواجدهم على الحدود الشمالية، تؤكد أن خطر التطرف الإسلامي قد انتشر في هذه الدولة المستقرة نسبيًا والحليفة للولايات المتحدة، والتي كانت لفترة طويلة حصنًا ضد “الإرهاب” في الشرق الأوسط.
ووفقًا لمسؤولين غربيين يعملون في برامج مكافحة التطرف العنيف في عمان، لم تعد المساجد مجالا خصبا للتجنيد كما كانت من قبل، إبان سماح الدولة للراغبين بالالتحاق بالمجاهدين الأفغان في ثمانينيات القرن الماضي، فبدلًا من ذلك، يشارك طلاب الجامعات بهدوء في الترويج لداعش، وكذلك في النوادي الرياضية وغيرها من أماكن تجمعات الشباب الأخرى.
التشخصيص ووصفة العلاج
ويقول المسؤولون، إن الأكثر عرضة للخطر هم “الشباب المحبطون”، فوفقًا لتقرير منظمة العمل الدولية العام 2015، فإن البطالة لهؤلاء الذين تقل أعمارهم عن 30 عامًا لأكثر من 70% من السكان تصل إلى 30%، أي أكثر من ضعف المعدل العالمي.
وترى الآن الحكومة الأمريكية، أن محاربة العقيدة المتطرفة من خلال التعليم أو الخطاب المدني، بما في ذلك نشر التسامح تجاه الأقليات الدينية، هو مساو بل وأكثر أهمية من الحملات العسكرية لاقتلاع الجماعات المتطرفة.
ورغم ذلك فإن المسؤولين الأمريكيين وبعضا من الأردنيين، يقولون إن السلطات الأردنية هي سبب الفشل في تطوير برنامج قوي أو مبتكر لحكم البلاد، ففي تقرير يونيو، اتهمت وزارة الخارجية الأمريكية عمان “بالتحفظ على الاعتراف بالتطرف المحلي”.
وقال المسؤولون الأردنيون، إنهم يحاولون بذل أقصى ما بوسعهم، لكنهم يفتقرون للموارد، ومن المقرر أن تمد الولايات المتحدة الأردن بما لا يقل عن 1,2 مليار دولار في الدعم الاقتصادي والعسكري هذا العام، إضافة إلى 600 مليون دولار إضافية من صندوق شراكة مكافحة “الإرهاب” المنشأ حديثًا لتعزيز الأمن.
وأكد عبدالمنعم حياري، أمين عام وزارة الشؤون الدينية، والتي تعرف باسم وزارة الأوقاف أن: “أي أيديولوجية تحتاج لأيدولوجية أخرى لمحاربتها”، وأضاف: “نحن نتطلع لمساعدة المجتمع الدولي في دفع ثمن الحرب على الإرهاب”.
وفي العام 2014، بناء على إلحاح الولايات المتحدة، رسمت المملكة خطة كبرى لمواجهة التطرف، والتي لم يعلن عنها حتى قبل أيام قليلة بعد تقرير وزارة الخارجية الأمريكية.
واعتمدت الخطة بشكل كبير على توفير الأئمة أو الدعاة الذين تقرهم الحكومة، لنحو 4000 مسجد غير مرخص، لكن وفقًا لوزارة الأوقاف، فإن الخطة قد أسفرت في العام الماضي، عن 200 متخرج فقط، منهم 70 فقط قبلوا في الوظيفة، في حين فتح 150 مسجدًا جديدًا إضافيًا بشكل غير قانوني.
كما قامت الأردن بفرض حملة أمنية مشددة بمساعدة قوات المخابرات الممولة جيدًا، وقد تضمنت حملة اعتقالات لعشرات الأشخاص المتهمين بارتباطهم بمتطرفين مشتبه بهم.
التعذيب في السجون الأردنية
واشتكى بعض المعتقلين من سوء المعاملة في السجون الأردنية وأماكن التوقيف، بما في ذلك خضوعهم للإذلال الجنسي، وإجراءات تميل إلى تأجيج الحقد الذي تتغذى عليه الجماعات المتطرفة. 
وتقول منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش إنهما لا تزالان تشعران بالقلق إزاء التعذيب في البلاد. لكن الحكومة الأردنية تنفي استخدام أساليب عنيفة.
وأكدت الصحيفة أن لدى الأردن 2500 مواطن يقاتلون في سوريا والعراق، لصالح داعش. وهذه هي النسبة الأعلى الثانية في أي بلد، هذا وفقا لمجموعة صوفان، التي تقدم تحليلات حول الإرهاب.
التزام المتشددين الأردنيين بنظرية “الذئاب المنفردة”
في الوقت نفسه، استجاب بعض الأردنيين لدعوة داعش بالبقاء في وطنهم والقيام بهجمات محلية، بسبب تراجع نفوذ “دولة الخلافة” المعلنة للجماعة في سوريا والعراق، إضافة إلى أن تشديد الرقابة على الحدود جعل من الصعب على المتعاطفين الوصول إلى قلب الأراضي السورية والعراقية للالتحاق بالتنظيم.
وفي نوفمبر الماضي، قتل ضابط شرطة أردني يشتبه في ارتباطه بداعش خمسة أشخاص، بينهم أمريكيان، في برنامج تدريب للشرطة الأردنية برعاية الولايات المتحدة.
وفي مطلع يونيو، قتل مسلح خمسة أشخاص في مكتب وكالة الاستخبارات الوطنية في مخيم البقعة للاجئين الفلسطينيين بشمال عمان، وارتبط هذا الهجوم أيضًا بالدولة الإسلامية.
وفي وقت لاحق من ذلك الشهر، أعلن داعش مسؤوليته عن تفجير سيارة مفخخة على الحدود مع سوريا أسفر عن قتل سبعة جنود أردنيين، وأوقفت الحكومة 24 إمامًا لرفضهم تمجيد الجنود الذين سقطوا شهداء.
ويقول دبلوماسيون غربيون في عمان إنه في اجتماعات خاصة مع المسؤولين الأردنيين، كانت الحلول لمواجهة التطرف مثالية وبعيدة عن الواقع.
كما فرضت الحكومة التعتيم الإعلامي على الهجمات الأخيرة من قبل متشددين يعتقد أن لهم علاقة بداعش، وهو إجراء لا فائدة منه في عصر الإنترنت، الذي يستخدمه المتطرفون لنشر رسالتهم.
وقال مسؤول غربي يعمل في محاربة الإرهاب في عمان: “إن الأردنيين عالقون في وجهة النظر منذ الثمانينيات لمكافحة الإرهاب، إذ يعتقدون أن باستطاعتهم السيطرة على سير الأحداث”.
وأشارت الصحيفة الأمريكية، إلى أن مجند داعش، أبو عتيبة (48 عامًا)، قد ضحك ساخرا عندما تم اخباره بخطط الحكومة لمواجهة نفوذ التنظيم.
وذكرت، أن أبو عتيبة يمشي بعرج نتيجة لإصابة من القتال أمام القوات الروسية في الشيشان قبل 20عاما.
واختتمت الصحيفة بأن الدعاة الذين أقرتهم الحكومة تحت سيطرتها، لا يغيبون عن ناظري أبوعتيبة ورفقائه، الذين يتجمعون بعد الظهر يوم الجمعة لكي يصبوا جام غضبهم على الدولة التي يعتبرونها موغلة في العلمانية التي يرى فيها المتشددون أيديولوجية مناهضة للإسلام، ومن أشكال هذا الوصف ما يقوله أبو عتيبة بأن: “وزارة الأوقاف هي عصا في أيدي نظام دولة مسلمة بالاسم فقط”.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

أخترنا لك

تحميل فيلم ملك الرمال

الأكثر قرأة

الأرشيف