يقلب أحمد نظراته في المكان من حوله بينما ينتظر دوره لاستلام طلبه من اللحم المشوي والأرز في أحد المطاعم الشعبية التي يعج بها سهل أتين المحاذي لمدينة صلالة الساحلية جنوبي سلطنة عُمان.
ويطلق السكان المحليون على هذه المطاعم اسم “المظابي”، وهي عبارة عن جلسات عربية تحت أغطية بلاستيكية تقدم لمُرتاديها لحوم الغنم والدجاج المشوية على الحجارة الجبلية، بالإضافة لأطباق من لحم الإبل المبطوخ بطرق مختلفة.
وتزدهر المظابي في هذا الموسم من كل عام حيث يتوافد الزوار من داخل السلطنة ومن دول الخليج للاستمتاع بالأجواء الاستثنائية لـ خريف صلالة، الظاهرة المناخية الفريدة التي تستمر 3 أشهر (يونيو ويوليو وأغسطس) من كل عام تتحول خلالها الصحاري الجافة إلى جنات استوائية، حيث المطر ودرجات حرارة منعشة في حدود 24 درجة في وقت تصل فيه درجة الحرارة بدول الخليج ومناطق السلطنة الأخرى مستويات قياسية فوق الـ 44 درجة مئوية في أوقات الظهيرة .
تاريخ النشر
وخلال تجولهم في ربوع صلالة ومعالمها الفاتنة يتحدث الزوار الخليجيون بإسهاب عن خصائص السلطنة وشعبها الهادئ الطيب الذي يستقبلهم بحفاوة، لكنهم يتهامسون بأحاديث عن اعتقاد سائد في المنطقة عن انتشار ممارسةالسحر في السلطنة.
يقول أحمد وهو سعودي قدم من الرياض إنه سمع كثيرا عن هذا الأمر ما يدفعه وكل من يعرفهم إلى توخي الحذر طوال فترة إقامتهم في السلطنة.
ومن غير الواضح تماما مصدر هذا الاعتقاد، ويبدو في أجوبة أحمد مثله مثل زوار السلطنة وحتى السكان المحليين خليط من المفاهيم المشوشة حول مصدر هذا الاعتقاد.
ويبرز في أجوبة الجميع اسم مدينة بهلا التي تبعد مئات الأميال عن منطقة صلالة، فقد اشتهرت هذه المدينة التاريخية حتى داخل السلطنة بأنها عاصمة السحر والجن.
وتزخر المنتديات الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي بقصص وأساطير سحرية عن هذه المدينة إذ يقال إن أحد عفاريت الجن بنى السور الهائل المحيط بها في ليلة واحدة.
وفي مقال بمجلة ناشيونال جيوغرافيك قبل عامين صنفت بهلا بأنها المدينة الخامسة على مستوى مدن العالم المسكونة بالجن.
ومع ذلك فإن شهرة هذه المدينة سيئة السمعة لا تقدم تفسيرا واضحا لشيوع الاعتقاد بانتشار السحر في عُمان، إذ من المألوف أن تحاك الأساطير حول المواقع الأثرية في العالم، ولعل أبرزها ما يقال عن لعنة الفراعنة التي تطارد العابثين بأهراماتهم ومعالمهم الشامخة في أرض الكنانة.
لكن آخرين يتحدثون أيضا عما يعرف بعلوم الأسرار التي يربطونها بالمذهب الاباضي المنتشر في السلطنة.
ويختص هذا العلم بتعاليم روحانية تستخدم طلاسم وجداول شبيهة بما يمارسه السحرة والمشعوذون.
ويبدو بالفعل أن هذه العلوم تشهد إقبالا في السلطنة، إذ تظهر محاضرات مسجلة على موقع يوتيوب مفتي السلطنة الشيخ آحمد الخليلي يحذر من هذه العلوم وينهى عن سعي كثيرين لتعلمها طلبا لـ “منافع دنوية”على حساب “التفقه في الدين وتعلم العلوم الشرعية” على حد وصفه.
0 التعليقات:
إرسال تعليق