ما هو عرق النسا وكيف تتم معالجته؟

يطلق عرق النسا على الألم الذي يشعر به المريض في أسفل الظهر والفخذ والساق والقدم على امتداد العصب الوركي من بدايته إلى نهايات فروعه وتشعباته
إن العصب الوركي هو أكبر عصب في جسم الإنسان تماثل إصبع السبابة، وينشأ من الأعصاب الشوكية القطنية السفلى والعجزية العليا التي تخرج من الثقوب بين الفقرات إلى داخل الحوض مكونة ظفيرتين عصبيتين قطنية وعجزية تمد إحداهما الأخرى ببعض الفروع فيتكون العصب الوركي الذي يخرج من الحوض العظمي خلال الثقب الكبير مستمرا تحت عضلات الآلية الضخمة ثم يستمر نزولا خلف الفخذ بين العضلات حتى يقترب من الركبة فيتفرع خلفها إلى فرعين يتجه أحدهما أمام الساق والثاني خلف الساق ثم يتشعب الفرعان وتنتشر الشعب في الساق وتصل إلى ظهر القدم وباطنها حتى نهايات الأصابع.
تحرك الأعصاب في حزمة العصب الوركي العضلات بعضها ينقل الحس بأنواعه، وكل ضغط على العصب وأصوله وفروعه يسبب الألم سواء كان الضغط داخل القناة الفقرية أو في البطن أو في الآلية أو خلف الفخذ.
والضغط داخل القناة الفقرية يكون في القناة أو في الثقوب بين الفقرات ويحدث الضغط هنا من أسباب عديدة مثل الكسور والالتهاب والأورام بأنواعها الحميدة والخبيثة ضيق القناة وزحف الفقرات وتمزق القرص بين الفقرات وهذا أكثرها شيوعاً.
أما الضغط على الأعصاب داخل البطن فله أسباب مختلفة مثل الأورام في الحوض وأحيانا عند النساء الحوامل في الأشهر الأخيرة من الحمل من ضغط رأس الجنين.
والضغط على العصب في الآلية والفخذ ينتج من الكسور والجروح والأورام وخلع مفصل الورك.
ويكون علاج عرق النسا بحسب السبب ولذلك فان عرق النسا هو وصف لحالة مرضية مؤلمة وليس تشخيصا طبياً دقيقاً.
تمزق القرص
ترتبط فقرات العمود الفقري ببعضها بمفاصل وأربطة وأقراص قوية جدا. والقرص يربط الفقرات بإحكام وثبات ويلتصق القرص بجسم الفقرة من فوقها وتحتها وهو مكون من حلقة شبكية ليفية داخلها فقاعة هلامية شبه سائلة تسمى النواة اللبية وتحافظ الحلقة على النواة في حركة الفقرات.
يقارب مجموع طول الأقراص بين الفقرات ربع طول العمود الفقري.
وتحافظ الأقراص على طول العمود الفقري وتساعد على مرونة حركته وتحافظ على تقوساته. وهي تضمر مع التقدم في العمر، وذلك يؤدي إلى قصر القامة. إن الأقراص لا تنضغط لان النواة اللبية وهي شبه سائلة غير قابلة للانضغاط وبذلك تحافظ على الحلقة الليفية، وإذا ما تمزقت ألياف الحلقة برزت النواة بعضها أو كلها داخل القناة الفقرية فتضغط على الحبل الشوكي داخل القناة أو على الأعصاب الشوكية.
أخطاء شائعة
إن خطأين شائعين نتداولهما عن القرص بين الفقرتين فيسمى القرص غضروفا وهو الخطأ الأول ونسمي تمزق القرص انزلاقا وهو الخطأ الثاني أما الحقيقة فأن القرص لا يحتوي على غضروف فهو مكون من حلقة ليفية داخلها نواة هلامية كما أن القرص لا يمكن أن ينزلق لأنه ملتصق بقوة بين فقرتين ولكنه يتمزق فتبرز نواته إلى الخارج.
قد تتمزق الحلقة الليفية من شدة خارجية في مقتبل العمر أو من تغيرات تنكسيه عند كبار السن. ويحصل التمزق في الفقرات الرقبية و أحيانا قليلة في الفقرات الصدرية وكثيرا في الفقرات القطنية.
وعند تمزق القرص في المنطقة القطنية من العمود الفقري يحصل ضغط على العصب مسببا ألما في الظهر وفي الآلية وفي الفخذ والساق والقدم في مسار العصب الوركي وفروعه وقد يكون هذا الألم شديدا ومبرحا أو وسطا أو هينا ويصحب الألم تصلب في الظهر وخدر في الساق والقدم وصعوبة في القيام والقعود والوقوف والانحناء وخلل في المشي وضعف في قوة العضلات وقد يحصل سقوط في القدم فلا يستطيع المريض رفع قدمه أو خفضها.
إجهاد العمود الفقري
يتعرض العمود الفقري للإجهاد لدى حمل ثقل كبير مع انحناء الظهر وخاصة إذا حدث ذلك فجأة بدون حذر يؤدي إلى تمزق الحلقة الليفية في القرص وبروز النواة اللبية من شق الحلقة، وهذا يثير الرباط الفقري الطولي الخلفي الحساس أو يضغط على السحايا أو على العصب الشوكي في القناة الفقرية مسببا الألم الشديد أسفل الظهر، وتتدلى النواة اللبية عادة إلى الجهة الخلفية الجانبية يمينا أو يسارا فتضغط على عصب ذلك الجانب. وقد يتدلى جزء من النواة في النوبة الأولى.
وفي النوبة الثانية تتدلى النواة بكاملها وتخرج من الحلقة الليفية. وفي حالات نادرة تتدلى النواة بكاملها في الخط الوسطي داخل القناة الفقرية فتضغط على عصبين شوكيين واحد في كل جانب محدثة شللا غير كامل في الأطراف السفلى وقد يحصل هذا في بعض حالات الولادة العسرة فيسمى الشلل التوليدي.
والسبب المهم الأخر لتمزق القرص القطني هو حصول التنكّس فيه فتتغير خواصه ويعتريه الجفاف بتقدم العمر.
إن نسبة ثمانين بالمئة من حالات تمزق القرص القطني سببها الإجهاد وعشرين بالمئة منها سببها التنكّس بصورة عامة.
ومن بعض أشكال إجهاد العمود الفقري رغم قلتها هو ما يحصل للمريض الذي تجرى له عملية جراحية عامة تحت التخدير العام وبعد انتهاء العملية ينقله مساعدو العمليات إلى النقالة بدون اعتناء ويهملون إسناد ظهره فينحني ظهره فجأة ويتصرفون في نقله كأنه حشية من القطن ويحدث مثل هذا عند نقل المريض من النقالة إلى سريره في الردهة بينما المطلوب هو أن يقوم ثلاثة من المساعدين بالتعاون لنقل المريض واحد يسند الرقبة و الرأس واثنان يحملان الجذع والأطراف ولذلك وبعد أن يخرج المريض من المستشفى تنتابه أوجاع شديدة في الظهر من جراء تمزق القرص بين الفقرات. وهذه الحالة تنطبق أيضا عند نقل المصاب بسيارة الإسعاف.
إن أول أعراض تمزق القرص القطني هو ألم مبرح حاد في اسفل الظهر يأتي بعد رفع جسم ثقيل أو إجهاد أو انحناء ويصحب الألم صعوبة في الحركة وتصلب في الظهر ثم يخف الألم شيئا فشيئا وتعود الحركة منطلقة بعد مدة.
وبعد أيام أو أسابيع تحصل نوبة ثانية تكون فجائية أيضا تأتى بعد إجهاد الظهر أو الانحناء أو حتى السعال الشديد والعطاس فيعود الألم وتتعذر الحركة وينتشر الألم إلى أحد الردفين أو إلى الفخذ والساق والقدم وهذا ما نطلق عليه الإصابة بعرق النسا. وإذا نظرنا إلى ظهر المريض نراه مقوسا منحرفا إلى أحد الجانبين وحركته محدودة.
لدى تمزق الحلقة الليفية يشعر المريض بألم في الظهر وهذا ما يحدث في النوبة الأولى وفي النوبة الثانية تبروز النواة اللبية خارج الحلقة وضغطها على العصب الشوكي.
وفي الحالات التي تنقذف النواة بكاملها داخل القناة الفقرية وفي الخط الوسطي تضغط النواة على عصبين شوكيين في وقت واحد ويحدث عرق النسا في الجانبين ويحصل خلل في وظائف الشرج والمثانة مع انحباس البول وهذه الحالة تتطلب العلاج السريع وإجراء العملية الجراحية بدون تأخير.
وفي معظم حالات تمزق القرص القطني يهمد الألم ويخف الضغط على العصب لأن النواة تنكمش ويتماثل المريض إلى الشفاء.
والذي نلاحظه عادة في مرض تمزق القرص القطني رجالا ونساء انهم في مقتبل العمر ويتمتعون بصحة جيدة.
تشخيص المرض
 إذا انتبه الطبيب إلى شكوى المريض بعناية واهتمام كان هذا نصف التشخيص ويأتي بعد ذلك الفحص السريري المتأني، وإذا اقتضى الأمر يستعين بالفحص الشعاعي لمنطقة الفقرات القطنية والعجزية أماميا وخلفيا وجانبيا وهذا يكفي في معظم الحالات. أما الفحص الشعاعي بتصوير النخاع والفحص بالتصوير المقطعي والرنين المغناطيسي بدون أو مع تصوير النخاع فانه يعرض المريض إلى بعض مضار الأشعة التي لا موجب لها إلا في حالات محدودة يتعذر تشخيصها وقبل إجراء العملية الجراحية.
العلاج :
 وهنا يجب أن نذكر إن عرق النسا حالة مرضية شائعة جدا وهي تصيب الذين يجهدون عمودهم الفقري أثناء العمل وكذلك الجالسين وراء مكاتبهم. ويبدأ العلاج بالراحة لمدة قصيرة ولا مانع من إعطاء بعض المسكنّات للوجع وإرشاد المريض إلى نوع سرير المنام، والانحناء أثناء العمل والجلوس وراء المكتب وفي السيارة وإجراء التمارين لتقوية عضلات الظهر والبطن وقد يستعان باستعمال مسند خلفي للظهر.
أما إجراء العملية الجراحية فيكون في حالات قليلة كما ذكرنا سابقا أو عند فشل العلاجات التحفظية ويكون الألم شديدا ومستمرا وعائقا للمريض عن تحصيل رزقه. وإجراء العملية له طرق عديدة يقررها الجراح المختص.