مثّلت عملية إفلات وزير الدفاع اليمني في الحكومة المستقيلة اللواء محمود الصبيحي من قيد الإقامة الجبرية التي فرضها عليه الحوثيون في منزله بالعاصمة صنعاء ومغادرته إلى مسقط رأسه بجنوب البلاد، صفعة جديدة للحوثيين لم يكونوا يتوقعونها، ضاعفت من أزمتهم، وأربكت حساباتهم.
وفي تفاصيل عملية مغادرة الوزير، قال الصحفي المقرب من اللواء الصبيحي أنيس منصور إن “الوزير الصبيحي اتجه عصر السبت من مقر إقامته في صنعاء نحو مدينة مأرب شرق البلاد، ثم انتقل بعد ذلك، إلى مديرية بيحان التابعة لمحافظة شبوة المجاورة لمدينة مأرب النفطية”.
وأضاف أن “الوزير واصل طريقه باتجاه محافظة البيضاء وسط اليمن، وصولًا الى مدينة أبين المحاذية لمنطقة الصبيحة مسقط رأسه، والذي ما يزال هناك حتى اللحظة”.
وقال منصور في معلومات نشرها على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، إن مسلحي الحوثي اختطفوا 35 جنديًا من مرافقي الوزير وقتلوا جنديًا وضابطًا وابنته وأصابوا ضابطًا آخر برتبة عقيد، عقب اعتراضهم من قبل مسلحين حوثيين في منطقة الخوخة بمحافظة الحديدة غربي البلاد.
وكان الوزير أثار جدلًا عقب حضوره في السادس من شباط/ فبراير الماضي، بملابس مدنية، مراسم إصدار ما سمي “الإعلان الدستوري” الذي أصدرته جماعة الحوثي وحلت بموجبه البرلمان وشكلت مجلسين رئاسي ووطني وتباينت التفسيرات حينها بين قائل إن الوزير تم إحضاره بالقوة وبين رأي آخر يشير إلى أنه موافق على الإجراءات الجديدة بدليل عدم اعتذاره تكليفه من قبل الحوثيين بتولي مهام وزارة الدفاع.
موقف الحوثيين
وفي أول ردّ فعل لها، عقدت ما يسمى “اللجنة الأمنية العليا”، التابعة للحوثيين اجتماعا لها اليوم الأحد بصنعاء، ناقشت فيه تداعيات مغادرة وزير الدفاع المستقيل الذي عينته رئيسًا للجنة وخرجت ببيان لم تتحدث فيه عن الصبيحي ولا عن هروبه في موقف يبدو أنه مقصود حتى يتضح موقف الرجل منها لتحدد بعدها موقفها النهائي منه.
واكتفت اللجنة بالتأكيد على “أن الاجهزة الامنية والعسكرية ستتخذ كافة الإجراءات القانونية المخولة بها ضد كل من يهدد أمن الوطن واستقراره أو تسول له نفسه المساس بالأمن والممتلكات العامة والخاصة أو المؤسسات والمرافق الحكومية المدنية والعسكرية أو أيًا كان من المنشآت الاقتصادية السيادية”.
وفي إشارة على أنها محاولة لقطع الطريق على الصبيحي في حال أصدر توجيهاته لقوات الجيش، دعت اللجنة التابعة للحوثيين أفراد القوات المسلحة والأمن للالتزام بالتوجيهات الصادرة منها.
التداعيات المتوقعة
وتتمثل أبرز تداعيات انفضاض الصبيحي عن جماعة الحوثي في كون الرجل من أبناء المحافظات الجنوبية التي ينتمي إليها الرئيس عبد ربه منصور هادي، وهو ما يعني نزع ورقة جنوبية كانت تستخدمها كلافتة لإضفاء بعد وطني على انقلابها بالقول إن هناك تأييدًا لخطواتها من الجنوبيين.
أما الأمر الآخر؛ فهو في قيمة ووزن الصبيحي عسكريًا وشعبيًا في الشمال والجنوب، وما يمكن أن يشكل عامل قوة نحو الالتفاف إلى جوار الرئيس هادي بسحب البساط عسكريًا من أيدي الحوثيين.
ويعد الصبيحي ثاني مسؤول بعد الرئيس يفلت من قيد الإقامة الجبرية المفروض على رئيس الحكومة المستقيلة خالد بحاح وعدد من وزرائه.
وينظر عسكريون إلى هذه الخطوة بأنها ستحقق قدراً كافياً من التوازن العسكري المسنود بالدعم الشعبي الكبير ضد الحوثيين، بينما لا يستبعد آخرون وجود لعبة دولية كبيرة تعمل على إعادة ترتيب خارطة المنطقة وفقًا لمصالحها.
سيرة ذاتية
والصبيحي من مواليد عام 1948 من أبناء منطقة الصبَّيْحة، مديرية المضاربة وراس، في محافظة لحج، جنوبي البلاد، والتحق مبكرًا بالسلك العسكري، وتدرج في المناصب وحصل على بكالوريوس علوم عسكرية من الكلية العسكرية في عدن في عام 1976، ثم أصبح قائدًا للكلية ذاتها في الفترة من 1988 إلى 1990، بعد نيله درجة الماجستير في العلوم العسكرية من أكاديمية فرونزا في الاتحاد السوفييتي عام 1982.
وكان الصبيحي يشغل قبل تعيينه وزيرًا للدفاع منصب قائد المنطقة العسكرية الرابعة ومقرها محافظة عدن جنوب البلاد، واشتهر أثناء الحملات العسكرية التي شنّتها القوات الحكومية في 2013 ضد تنظيم القاعدة بمحافظة أبين والتي انتهت بتحريرها من التنظيم.
0 التعليقات:
إرسال تعليق